رواية مني كاملة
عن البيت طوال الإسبوع وهو يشعر وكأنه فقد جزء من روحه جزء من نفسه حاول كثيرا أن يعود مراد القاسى متحجر القلب كما كان لكن هيهات القلب الذى دق من جديد لم تكفى قوته لإخماده واسكاته مرة أخرى أكثر ما كان يؤلمه هو رغبته فى الإطمئنان عليها لو علم فقط أنها بخير وسعيدة فى حياتها لربما ارتاح قلبه قليلا وخف عڈابه لكن عدم معرفته بحالها كاد أن يصيبه بالجنون أخذ يفكر فى آخر محادثة بينهما وفى كلماتها عن ماجد وعن الحب الكبير الذى جمعهما وعن ذكرياته التى تحملها له فى قلبها وعن كونه كان الحضن الدافئ لها بعدما فقدت كل عائلتها كان الدعامة التى ارتكذت عليها ومنعتها من الإنهيار كان يملء فراغ وحدتها القاتله أخذ يقارن بين ما فعله هو وما فعله أخوه هو تركها فريسة للوحدة طردها من بيته وأرغمها على البقاء فى عزلتها حرمها من صحبة أمه وأخواته وهو واثق تمام الثقة أنها أحبتهم حبا خالصا من قلبها تركها فى بيتها بمفردها وهو لا يعلم أتخاف من البقاء بمفردها أم انها اعتادت الوحدة اتخاف من النوم بمفردها ليلا أتسيطر عليها هواجس بإقتحام لص لمنزلها كيف تقضى طلباتها كيف تقضى أوقاتها رغما عنه شعر بالخۏف يجتاح كيانه خوف عليها ومنها أراد أن يهرع اليها ويعانقها ويدخلها سجن ذراعيه قسرا وألا يتركها أبدا لكنه تذكر كيف كانت تصر على طلب الطلاق كيف أوضحت له مدى
لو سمحتى يا آنسه تعرفى فين صيدلية
قالت مريم بهدوء وهى تشير بيدها لتريه الطريق
قال الرجل لها شاكرا
متشكر أوى
شعر مراد بالغيرة والڠضب بداخله لحديثها مع رجل آخر كان من الواضح أنها تصف له طريق شئ ما ولم تتحدث الا لثوانى معدودة لكنه شعر بالغيرة الشديد لان حتى تلك الثوانى هو محروم منها دخلت البيت وأنظاره مثبتته عليها الى ان اختفت
عاد مراد الى بيته فخرجت ناهد من غرفة الجلوس تستقبله بعدما سمعت صوت السيارة عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت ببرود
نظر مراد اليها شذرا فقالت
هتتعشى ولا زى كل يوم
قال مراد ببرود
مليش نفس
قالت ناهد بحنق
والله ليه انت مش عملت اللى انت عايزه وارتحت
قال مراد پحده
عملت اللى هى عايزاه مش اللى أنا عايزه
هتفت ناهد غاضبه
بص يا مراد أنا ليا عينين بشوف بيهم وبحس باللى أدامى ده غير ان ميفهمش الست الا الست مريم كانت ابتدت تحس بحاجه نحيتك بس باللى انت عملته ده هديت كل حاجه
صمت مراد وهو غير مقتنع بكلام أمه فأكملت قائلا بحزن
بالله عليك مش صعبانه عليك دى يتيمه ولوحدها كانت عملالك ايه يعنى كانت مضايقاك فى ايه دى يا حبيبتى مكنش حد بيحس بوجودها ومكنتش بتضايق حد والبنات حبوها أوى وهى كمان كانت بتحبهم أوى سايبها تعيش لوحدها ليه ما كانت عايشة وسطنا يا مراد
انهت كلامها والدموع فى عينيها شعر مراد بقلبه ېنزف دما وقال بصوت مضطرب
مكنش ينفع الوضع يستمر كده
هى برده من حقها تعيش حياتها مع الراجل اللى تختاره مش جوازه مفروضه عليها
قالت ناهد بحزن
طيب لو سمحت خدنى ليها بكرة عايزه أزورها موبايلها مقفول من ساعة ما سابت البيت غلبت مكالمات ليها ورسايل بس شكلها مش بتفتحه خالص وقلبي واجعنى عايزة أطمن عليها
قال مراد بصوت خاڤت
متقلقيش هى كويسة
قالت ناهد وهى تنظر اليه بتمعن
عرفت منين ان هى كويسة
قال مراد وهو يتحاشى النظر اليها
لسه شايفها من شوية
قالت أمه بدهشة
شايفها فين
قال مراد بضيق
شايفها أدام بيتها
رفعت ناهد حاجبيها بدهشة وقالت بتهكم
وانت ان شاء الله ايه اللى موديك نحية بيتها صدفة ولا الهوا رماك
نظر اليها مراد بحدة ثم توجه الى السلم ليصعد الى غرفته وناهد ترمقه بغيظ
هتف حامد بفرحه
المعلومات دى أكيده
قال المحامى الخاص به مبتسما
طبعا أكيده يا حامد بيه هو أنا عمرى قولتلك حاجة وطلعت غلط
ضحك حامد ملء فمه وهو يقول
يعني عايشة لوحدها وملهاش حد لا أب ولا أخ ولا أى حد وكل أهلها فى الصعيد وسايبنها هنا لوحدها وكمان مراد طلقها من 10 أيام حلو أوى أوى أوى
ابتسم المحامى قائلا
ناوى على ايه يا باشا
قال حامد بخبث وابتسامته تملء وجهه
ناوى ألعب على المكشوف مادام القطة معدتش فى حماية الأسد
طلبين مدام مريم تانى فى القسم
قال محامى مراد هذه العباره فأجابه مراد على الهاتف بحنق
وليه عايزنها تانى هى مش خلاص قدمت شهادتها
قال المحامى
محامى حامد بيقول انك انت اللى خليتها تشهد وتقول الكلام ده وانها كانت خاېفة منك وعشان كده قالته بس هى دلوقتى اطلقت ومعدتش خاېفة منك وهتغير أقوالها
قال مراد پغضب وضيق
وهما لحقوا عرفوا اننا اطلقنا
قال محاميه
أكيد طبعا ما هيصدقوا يمسكوا فى أى حاجة
قال مراد بضيق
مش عايزها تدخل القسم تانى حاول تشوف حل تانى
قال المحامى
لو كان فى مكنتش اتاخرت بس طلبين يسمعوا شهادتها تانى
زفر مراد بضيق وقال
طيب أنا هتكلم معاها امتى تروحلهم
قال المحامى
طلب الاستدعاء خلاص طلع يعني المفروض تروح من بكرة
قال مراد
طيب خلاص هبلغها
حاول مراد الاتصال بها دون جدوى كان هاتف مريم مغلق حمل نفسه الى سيارته وتوجه الى بيتها طرق الباب عدة طرقات قبل أن يسمع صوتها من خلف الباب
مين
صمت لحظة ثم قال
مراد
ارتجف قلبها وهى تسمع صوته تسمرت مكانها للحظة وهمت بان تفتح الباب لكنها تذكرت أنه لم يعد يحل له رؤية شعرها أصبح كالغريب تماما ارتدت اسدالها وفتحت الباب وقع نظرها على صفحة وجهه شعرت بإشتياق شديد لتلك الملامح التى افتقدتها ذكرت نفها بأنه رجلا غريبا عنها لم يعد يحل لها النظر اليه هكذا فأشاحت بوجهها تأملها مراد للحظة ثم خفض بصره قائلا
انتى كويسه
قالت بصوت منخفض دون أن تنظر اليه
الحمد لله
صمت كلاهما قالت بإضطراب وهى تتطلع الى أعلى السلم
لو سمحت مينفعش وقفتنا
كده انا عايشه لوحدى
آلمه كلامها الذى ذكره بأنه لم يعد يحل له منها شئ أى شئ فقال بهدوء
أنا جيت بس أعرفك انهم محتاجين شهادتك تانى فى القسم
نظرت اليه مريم قائله
أنا افتكرت خلاص مش هروح تانى الا لو القضية وصلت للمحكمة
قال مراد بأسف
أنا كمان كنت فاكر كده بس محتاجين يسمعوا أقوالك تانى
أومأت برأسها قائله
مفيش مشكلة أروح امتى
قال مراد
بكرة ان شاء الله ومتروحيش لوحدك أنا هاجى آخدك
نظرت اليه مريم بتحدى قائله
شكرا يا أستاذ مراد أنا هروح لوحدى
رمقها مراد بنظرات ڼارية وهو يسمع منها كلمة أستاذ فقال بحنق
مش هتعرفى الطريق
قالت بعند
لا هعرف أنا مش صغيره وبقالى أكتر من 3 سنين عايشة لوحدى
ثم قالت بتحدى
يعني أقدر أتصرف كويس ومش محتاجه لحد يساعدنى فى حاجه
تطلع اليها مراد وقد ألجمه كلامها فتمتم بحزم وهو يغادر
براحتك ياريت تروحى على الساعة 10
قالت ببرود
هكون هناك فى المعاد
ألقى عليها نظرة ثم توجه منصرفا أغلقت مريم الباب لتتحول نظرتها المتحديه الى نظرة حزن دخلت غرفتها وجلست على فراشها واجمة مازالت تشعر بخفقات قلبها التى تسارعت منذ أن سمعت صوته كانت تشعر بالضيق الشديد ضيق من نفسها أخفت وجهها بين كفيها وهى تسأل نفسها پحده ماذا يحدث لك يا مريم لماذا تشعرين بالضيق كلما ابتعد وبالأمان كلما رأيتيه هو أخو زوجك اخو حبيبك أفيقي يا مريم مراد أخو ماجد
قبل الفجر بعدة ساعات قامت من نومها فزعة شعرت شئ ثقيل يجثم على صدرها ېخنقها تذكرت كلماتها ل سهى وهى تذكرها بأن الله عز وجل يتجلى فى السماء الدنيا فى الثلث الأخير من الليل ليستجيب لدعاء من يدعوه ويفرج كرب من يلجأ اليه تذكرت الآية التى تقول أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم استغفرت ربها ونهضت من فراشها بحماس توضأت ووقفت بين يدى الله تبث له شكواها وتناجيه كانت تردد كثيرا
يارب أنا مش عارفه أنا عايزه ايه ولا عارفه ايه اللى يريحنى يارب انت عالم بيا أكتر من نفسي يارب ريحنى
ظلت تبكى كثيرا فى سجودها وجسدها يرتجف بشدة انهت صلاة الفجر وهى تشعر بأن قواها قد خارت تماما نامت على الأرض حيث هى فوق سجادة الصلاة
قال أحد رجال حسن المنفلوطى